لتحميل العروض:
تعدّ الطفولة المبكرة، تلك الفترة التي تمتد ما بين الولادة وحتى بلوغ ثماني سنوات من العمر، مرحلة التطور الملحوظ الذي يطرأ على دماغ الأطفال فضلاً عن تأثرهم الكبير بالمحيط حولهم. وإدراكاً منها لأهمية الطفولة المبكرة، تكرّس العديد من الحكومات والوكالات الدولية أهم المصادر وتولي اهتمامها برعاية الطفولة المبكرة والتعليم وتجلّى ذلك على نحو متزايد في جداول الأعمال على الصعيدين الوطني والدولي خلال العقدين الماضيين. وفي الواقع، رغم أن الأهداف التنموية للألفية لم تُشر صراحةً إلى الطفولة المبكرة، لكنّها أُدرجَت بشكل واضح في الهدف 2.4 من أهداف التنمية المستدامة الذي ينص على ما يلي: "بحلول العام 2030، ضمان حصول جميع الفتيات والفتيان على تعليم جيد في مرحلة الطفولة المبكرة والرعاية والتعليم قبل الابتدائي حتى يكونوا مستعدين للتعليم الابتدائي".
وإلى جانب إعداد الأطفال للالتحاق بالمدرسة الابتدائية، تسعى رعاية الطفولة المبكرة والتعليم إلى دعم "التنمية الشاملة لاحتياجات الطفل من الناحية الاجتماعية والعاطفية والمعرفية والجسدية بهدف بناء أساس متين وشامل للتعلم والرفاه مدى الحياة." وهذا ما يؤكده البحث الذي أجراه شونكف وفيليبس (2000) إذ أظهر أن قدرة الدماغ على التعلم تتطور بشكل ملائم فقط عند منح تحفيز كافٍ للعملية العقلية لدى الطفل في مرحلة مبكرة من عمره والتي تُعتبر ذروة تكوين المشابك العصبية. كما أوضح البحث أنه كلما كانت فترة الطفولة المبكرة معززة، ازداد احتمال التوصل إلى نتائج إيجابية في التعلم والسلوك والصحة طوال الحياة بينما يزيد الأساس الضعيف من احتمال مواجهة صعوبات في مرحلة لاحقة من العمر.
وعلى المدى البعيد، فإن البرامج الرسمية لرعاية الطفولة المبكرة والتعليم التي يشارك فيها الأطفال تعتبر حجر الأساس ليكونوا أفضل متعلمين في المستقبل. وأظهر البحث الذي أجرته منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية أن عدد سنوات التعليم في مرحلة الطفولة المبكرة يعدّ مؤشراً قوياً للأداء الأكاديمي في المستقبل. فعلى سبيل المثال، تُظهِر نتائج البرنامج الدولي لتقييم الطلبة (بيزا) أن الأطفال الذين شاركوا في التعليم في مرحلة الطفولة المبكرة لمدة لا تقل عن سنتين، حصدوا نتائج أعلى وسطياً من الأطفال الذين لم يحظوا بهذه الفرصة حتى بعد الأخذ بعين الاعتبار حالة المدرسة والطالب على الصعيدين الاجتماعي والاقتصادي. وبما أن التعلم في المستقبل يرتكز على أساس متين قاعدته رعاية الطفولة المبكرة والتعليم، فإن تطوير سياساتها وبرامجها يمثّل وسيلة مقنعة لتطوير رأس المال البشري في الجيل القادم.